أشهر أعلام تفسير الأحلام في تراثنا

نستعرض هنا نبذة عن حياة ومنهج أبرز العلماء الذين أثروا المكتبة الإسلامية بمؤلفاتهم واجتهاداتهم في علم تعبير الرؤيا، والذين نستنير بفهمهم في موقعنا.

الإمام محمد بن سيرين

(33 هـ - 110 هـ / 653 م - 729 م)

أبو بكر محمد بن سيرين البصري، تابعي جليل وإمام ورع وفقيه ومحدث، وعلم من أعلام تفسير الرؤى والأحلام في الإسلام. يُعتبر كتابه المنسوب إليه "تفسير الأحلام الكبير" (أو "منتخب الكلام في تفسير الأحلام") من أشهر وأهم المراجع في هذا العلم، على الرغم من النقاش الدائر حول نسبة الكتاب كاملاً إليه. تميز منهجه بالاعتماد على القرآن الكريم والسنة النبوية، والقياس، واللغة، وأحوال الناس.

كان ابن سيرين معروفًا بفراسته وورعه، وكان لا يفسر كل ما يُعرض عليه من أحلام، بل يختار ما يرى فيه فائدة أو إشارة. طريقته في التفسير تعتمد على فهم الرموز وربطها بحال الرائي وسياق الرؤيا، مع الحذر من التسرع في التأويل.

الشيخ عبد الغني النابلسي

(1050 هـ - 1143 هـ / 1641 م - 1731 م)

عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي، عالم دين سني، صوفي، شاعر، ورحالة. له مؤلفات عديدة في مختلف العلوم، ومن أشهرها في مجال تفسير الأحلام كتابه القيم "تعطير الأنام في تعبير المنام". جمع في كتابه هذا آراء المتقدمين مثل ابن سيرين والكراماني وغيرهم، وأضاف إليها من علمه واجتهاده.

يتميز منهجه بالشمولية والتنظيم، حيث يرتب الرموز ترتيبًا أبجديًا، ويذكر لكل رمز دلالات متعددة قد تختلف باختلاف سياق الرؤيا وحال الرائي. كتابه يعتبر موسوعة شاملة في علم تعبير الرؤى.

ابن شاهين الظاهري

(813 هـ - 873 هـ / 1410 م - 1468 م)

خليل بن شاهين الظاهري، غرس الدين، مؤرخ وكاتب من العصر المملوكي. اشتهر بكتابه في تفسير الأحلام "الإشارات في علم العبارات"، والذي يعتبر أيضًا من المراجع الهامة في هذا المجال. اعتمد ابن شاهين في كتابه على ما ورد عن الأنبياء والصحابة والتابعين، وعلى أقوال المفسرين المتقدمين، مع إضافة بعض اجتهاداته.

يتميز كتابه بالتقسيم الموضوعي للرؤى، حيث يجمع الرموز المتشابهة أو المتعلقة بموضوع واحد في باب واحد، مما يسهل على القارئ البحث عن تفسير رؤياه.

الإمام جعفر الصادق (ما ينسب إليه)

(83 هـ - 148 هـ / 702 م - 765 م)

جعفر بن محمد الصادق، الإمام السادس عند الشيعة الإمامية، وعالم جليل من آل البيت. تُنسب إليه أقوال وتأويلات كثيرة في تفسير الأحلام، جمعها البعض في كتب مثل "تقسيم الرؤيا" أو "تعبير الرؤيا للإمام الصادق". تتميز هذه التفسيرات المنسوبة إليه بالعمق والربط بالجوانب الروحية والأخلاقية، وبالنظر إلى أثر الرؤيا على دين الرائي ودنياه.

من المهم الإشارة إلى أن نسبة بعض هذه الكتب والتفاسير بشكل كامل للإمام الصادق هي محل بحث ونقاش بين العلماء، ولكن الأقوال الموثوقة عنه تحمل حكمة وبصيرة.

إبراهيم الكرماني

(القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي - تاريخ تقريبي)

أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكرماني، يعتبر من مفسري الأحلام المشهورين في العصور الإسلامية المبكرة، وتحديدًا في القرن الثالث الهجري. وإن كانت تفاصيل حياته ليست بغزارة المصادر المتوفرة عن ابن سيرين، إلا أن كتابه في تعبير الرؤيا (غالبًا ما يُشار إليه بـ "تعبير الرؤيا للكرماني") يُعد من المصادر التي اعتمد عليها المفسرون اللاحقون مثل النابلسي.

يُعرف بمنهجه الذي يجمع بين الرموز الشائعة وبعض التأويلات التي قد تكون خاصة به أو بمدرسته في التفسير. مساهماته أثرت في فهم تطور علم تعبير الرؤيا.